يعد مخيم الأزرق للاجئين ثاني أكبر مخيم في المملكة الأردنية والذي يقطنه قرابة 73 ألف لاجئ، ويعتبر أحد أكثر الصور مأساوية التي تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الشعب السوري منذ ما يقارب العقد من الزمن.  هذا التجمع البشري الطارئ على جغرافية الدول المجاورة لوطنه وضع المنظمات والهيئات الدولية العاملة في الحقل الإغاثي أمام امتحان حقيقي ليختبر قدراتها في  مواجهة التضخم المتسارع لمخيمات اللجوء والتصاعد المستمر لاحتياجات الحياة الأساسية. إذ يشكل مخيم الأزرق نموذجا واقعيا لهذا التحدي الأمر الذي دفع بالعديد من المؤسسات الخيرية والمنظمات الإنسانية ومن بينها مؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية إلى تبنى مبادرات نوعية من خلال تأسيس مركز الشيخ جاسم بن جبر للرعاية الصحية الأولية في المخيم عام 2017، بالتعاون مع جمعية الإغاثة الطبية العربية بالأردن، حيث ساهم المركز بشكل كبير في التخفيف من وطأة النزوح على سكان المخيم  في المجال الصحي. إذ يبلغ إجمالي عدد المستفيدين من خدمات المركز المجانية حوالي الـ 100 ألف مريض سنويا، وتقدر التكلفة التشغيلية السنوية للمركز  بـ 3 ملايين ريال قطري.

مسؤولية إنسانية

ويرى الشيخ نواف بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس إدارة مؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية، أن المسارعة لإنشاء مركز الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني للرعاية الصحية الأولية بمخيم الأزرق في المملكة الأردنية الهاشمية شكل ضرورة إنسانية ملحة في تلك الفترة نظرا للأوضاع الصحية الصعبة التي عانى منها اللاجئين مع بداية نزوحهم للأراضي الأردنية،  وعلى اعتبار أن المؤسسة منذ بداية تأسيسها رفعت شعار “صحة وتعليم لحياة أفضل” كان لزاما عليها المبادرة للتخفيف من حدة معاناتهم والاضطلاع بمسؤولياتها الإنسانية من خلال توفير خدمات طبية متخصصة ومستدامة وعلى قدر كبير من الجودة بهدف تحسين الظروف الصحية لقاطني المخيم، ولضمان ذلك أكد الشيخ نواف حرص المؤسسة على الإشراف المباشر على سير عمل المركز وإجراء تقييم مستمر لأداء طواقمه الطبية بما يضمن استفادة كافة المرضى من خدماته بصورة سلسلة وبنتائج صحية جيدة .  ووفق آخر الإحصائيات الخاصة بالمؤسسة فقد بلغ عدد المستفيدين من خدمات مركز الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني للرعاية الصحية الاولية منذ افتتاحه مايقارب الـ  100 ألف مريض سنويا.

زيارات ميدانية

ومن جانبه قال السيد سعيد مذكر الهاجري الرئيس التنفيذي لمؤسسة جاسم وحمد بن جاسم:  راعت المؤسسة بتأسيسها لمركز الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني  للرعاية الصحية الأولية أن يتضمن أهم التخصصات الطبية التي من شأنها أن تلبي احتياجات هذا التجمع السكاني الطارئ من الأخوة السوريين على أراضي المملكة الأردنية، وتعتبر هذه المبادرة الإنسانية من صميم عمل وأهداف المؤسسة  الرامية لتنفيذ مشاريع صحية وتنموية ممولة ذاتيا، في العديد من الدول والتي من شأنها الارتقاء بالأوضاع الصحية الصعبة في العديد من المجتمعات الفقيرة والمحتاجة.

ويرى السيد الهاجري أن المركز يحظى باهتمام كبير من قبل المؤسسة نظرا للدور الإنساني النوعي الذي يقوم به في التخفيف من وطأة النزوح والمعاناة النفسية والبدنية التي يرزح تحت وطأتها المواطن السوري في مخيمات اللجوء، لذلك يخضع المركز لمتابعة مستمرة وتنظيم زيارات ميدانية دورية على مدار العام للاطلاع على سير العمل داخل المركز  ومتابعة جودة الخدمات الطبية المقدمة للمراجعين، وكذلك التعرف على احتياجاته المختلفة من أدوية وأجهزة ومعدات طبية لتمكين الأطباء والفريق التمريضي من تقديم خدمات علاجية متكاملة  للمرضى، وحول أهم الخدمات الطبية المقدمة أشار السيد الهاجري: أن المركز يضم عيادات متخصصة في طب الأطفال وأمراض النساء والطب العام، والأسنان إضافة إلى قسم للطوارئ، وأيضا يحتضن المركز صيدلية توفر الأدوية المجانية للمرضى.  كل ذلك يتم تحت إشراف كوادر طبية وتمريضية على مستوى عالي من الكفاءة العلمية والمهنية التي تبذل جهود جبارة لتقديم خدماتها.

خدمات نوعية

ولم تقتصر خدمات المركز عند حدود تقديم الرعاية الطبية التقليدية، وإنما تسعى بشكل مستمر إلى تجويد خدماتها بهدف تحسين الظروف المعاشية لسكان المخيم، من خلال العمل الجاد للارتقاء بالجوانب الصحية لهم، الأمر الذي دفع بمؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية إلى تنفيذ مبادرة نوعية على مستوى الخدمات التي يقدمها مركز الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني للرعاية الصحية الأولية، وفي مقدمتها استحداث عيادة متخصصة بالأمراض المزمنة وفي مقدمتها أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم،  وتوفير الرعاية الصحية اللازمة للمرضى  مما يساعد على التخفيف من الآثار الصحية والنفسية لهذا النوع من الأمراض وجعل المرضى أكثر قدرة على تقبل ظروفهم الصحية والتعايش معها بشكل أكثر سهولة. ومن المساهمات الحيوية للمركز توفير المطاعيم للأطفال حديثي الولادة ومتابعة أوضاعهم الصحية بصورة مستمرة وعلى قدر كبير من الاهتمام.  كذلك تتجاوز خدمات المركز الحدود المهنية والعلمية الطبية، حيث يبادر الطاقم الطبي والتمريضي بدوره إلى الارتقاء بالوعي الصحي للشرائح المختلفة من المرضى ولعب دور توعوي يحسن من الظروف الصحية في المخيم، وذلك من خلال الحرص على تقديم النصائح والارشادات الطبية وبشكل خاص للأمهات الحوامل والمرضعات، كذلك بادرت المؤسسة بالتعاون مع كواد المركز الطبية إلى تأسيس قسم متخصص معني بتثقيف مصابي الأمراض المزمنة ودعم معارفهم الصحية لتمكينهم من التعامل تلك الأمراض بطريقة أكثر فاعلية، الأمر الذي سينعكس بصورة مباشرة على نمط حياتهم بشكل عام.