عن المؤسسة

تاريخنا و نشأتنا​

منذ انطلاق أنشطتها عام 2001 ،وعلى مدار 20 عامًا ، خطت مؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية نهجًا تصاعديًا في مسيرة عطائها المتواصلة، التي بلورت من خلالها نهجًا تنمويًا بمشاريعها ومبادراتها المتنوعة على المستويين المحلي والدولي، فاهتمت بالمشاريع الصحية والتعليمية ومشاريع الإسكان، عملا برؤيتها »صحة وتعليم لحياة أفضل«، وعززت من حضورها الإنساني بمساهماتها الجليلة في تنفيذ العديد من المشاريع الإغاثية في عدد من المجتمعات المحتاجة حول العالم، تلك التي تضمنت توزيع السلال الإغاثية والمواد الطبية، خاصة خلال تفشي جائحة كـورونـا، لمواجهة ما خلفته من آثـار اقتصادية واجتماعية على الصعيد العالمي، الأمر الذي استلزم من المؤسسة بذل المزيد من الجهود الخيرية لمواكبة الاحتياجات المتزايدة للعديد من المجتمعات الفقيرة حول
العالم.

ورسمت العشرون عامًا الماضية ملامح رؤية أكثر عمقًا وإنسانية في قطاع العمل الخيري، وأكدت المؤسسة من خلال العطاء المستمر دورها في صياغة رؤية جديدة لدور المنظمات والمؤسسات الخيرية، ذلك الدور الذي ترى المؤسسة أنه يتجاوز فكرة الإغاثة نحو أدوار تنموية تساهم في تحسين حياة المجتمعات والارتقاء بواقعها الصحي والتعليمي.

عنوان السخاء

ولد الشيخ جاسم بن جبر رحمه الله عام 1911م، وهو الابن البكر للشيخ جـبـر بـن مـحـمـد بن ثـانـي رحمه الله، شقيق مؤسـس دولة قطر الـشيخ جاسم بن محمد بن ثـانـي رحمه الله. وللشيخ جاسم أخوان شقيقان هما: الشيخ محمد بـن جـبـر، والشيخ عـلـي بـن جـبـر، رحمهما الله، وسكنت أسرته منطقة المـرقـاب الـقـديـم.

نشأ الشيخ جاسم رحمه الله في كنف والـده نشأة كريمة، وتشرب النخـــوة العــربية والمثــل الوطنية، التي أصبحت جــزءًا أصيــلا من شخصيته، وانعكست في حضوره المجتمعـي والقبلي المميز، كما عرف عنه الحكمة المبنية على ثقافة دينية ومعرفية عالية وأصيلة، فقد كان فصيح اللسان، ويمتلك قـدرة متميزة على إقناع الآخرين، ومحبًا للشعر الفصيح والنبطي.

شخصية اجتمـاعيـة محـورية تحظى باحترام الجميع ومحبتـهم

كان المغفور له بإذن الله حريصًا على بناء المساجد، اقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ووصل عدد المساجد التي أنشأها إلى 27 مسجدًا في دولة قطر ودول أخرى مثل سلطنة عمان والهند والمملكة العربية السعودية وغيرها.

وامتازت شخصية الشيخ جاسم رحمه الله بالتدين، والأخلاق الحميدة، والثقافة العالية التي جعلت منه شخصية اجتماعية محورية تحظى باحترام الجميع ومـحـبـتـهـم، ومكنته تـلـك الشخصية الإستثنائية التي امتاز بها من إبقاء مجلس والده (بعد وفاته) مفتوحًا أمام الجميع في سن مبكرة، فلم يكن عمره آنذاك يتجاوز 1٦ عامًا.

وروي عنه رحمه الله الكثير من مآثر العطاء، ومن تلك الأمثلة وأهمها مساندته الدائمة لأصدقاء والده الشيخ جبر بن محمد بن ثاني رحمه الله ومنحهم مختلف أشـكـال الــدعــم، بـــدءًا مـن المساعدات المادية وصولا إلى توفير المسكن لهم، وعرف عنه محبته لإصلاح ذات البين، وزيارة كبار السن، وإيواء الأيتام ، ورعاية الأرامل وابن السـبيل، والمحافظة عـــــلـــــى صـــلـــة الرحم، ومبادرته فـــي كــثــيــر من الأحيان إلى دفع الديات وإعتاق الرقاب. ويسجل له التاريخ القطري وذاكرته الأجتماعية أنه أصبح مقصدًا للكثير مـن أصـحـاب الحاجة، خاصة في المراحل الصعبة، فعندما كـان العديد من أبناء قطر يمرون بوضع صعب، كان الشيخ جاسم ملاذهم من بعد الله، لما عـرف عنه من كـرم وشهامة، فكانوا يقبلون عليه ويقصدونه وهم على ثقة من أنهم سيعودون مجبوري الخاطر، وهو ما كان، فقد تحدث عن مروءته الكثير من معاصريه، خاصة قبل اكتشاف النفط، وعــرف بالمحافظة على صلته بالعديد من الأسر المتعففة، وكان يواظب على زيارتهم في بيوتهم شخصيًا حتى لا يعلم أحد بحاجتهم حرصًا على مشاعرهم وللتأكد من وصول المستحقات إلى أصحابها، كما اعتاد رحمه الله تسليم رواتب العاملين لديه بيده، رغم وجود مدير لأعماله، وكان يقول :”ليس عندي خدم أو عمال، فكل من عندي هم إخوان لي”، وكانت له معرفة بالأشخاص الذين يحضرون إليه، فيعرف حاجتهم قبل أن يستمع إليهم ، كما روي عنه مسارعته إلى إنقاذ العديد من الأسر والعائلات في دول مختلفة خلال أعوام القحط من خلال تقديم الطعام والكساء لهم.

الاثر الطيب

من صور العطاء، التي لازمت شخصية الشيخ جاسم بن جبر بن محمد بن ثاني رحمه الله، ما رواه المقربون منه من أنـه كـان يوجه بتوزيع ما تنتجه مــزارع التمور التي يملكها في قطر والمملكة العربية السعودية على سكان المنطقة مجانًا.

وامتدادآ لهذا الأثر الطيب الذي خلفه رحمه الله خلال سنوات عمره، أكمل أبناؤه مسيرة العطاء، من خلال وصية الثلث التي أوصــى بها ابنه معالي الشيخ حمد بـن جاسم بـن جبر آل ثاني، الذي عمل على تأسيس مؤسسة جاسم بن جبر بن محمد آل ثاني الخيرية في البداية، وكان للمؤسسة بصمة واضحة وتأثير كبير ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما على الصعيد الـــدولي، وتنوعت مســـاهماتها الخيرية والأنسانية لتشمل بناء المدارس والمستشفيات والمعاهد التعليمية والمهنية، وكذلك مراكز رعاية ذوي الأحتياجات الخاصة، ومراكز غسيل الكلى، وبناء القرى السكنية لتوفير السكن المناسب لــذوي الحاجة، وكذلك حفــر آبار المياه الصالحة للشرب والزراعة، وإغاثة المحتاجين أينما وجدوا، وفي عام 2013 أضـاف معالي الشيخ حمد العديد من الاستثمارات العقارية والمالية دعمًا للمؤسسة لضمان عوائد سنوية عالية تــواكــب الـــزيـــادة فــي أنشطتها الخيرية والاستثمارية ، وأصـبـح اسمها كما هو اليوم: “مؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية”.

العلاقات الاجتماعية

لا يزال كـثـيـر مـــن الـمـعـاصـريـن يـتـذكـرون الجلسة اليومية للمغفور له بإذن الله في مجلسه حيث يفد إليه الناس من أهل قطر للسلام عليه ، وكان رحمه الله يحرص على زيارة العديد من الناس في أماكن عملهم، ويرى الكثيرون أن هذه الخطوة من منطلق تعزيز أواصر المحبة وتقويتها بين أبناء قطر جميعًا وتعزيز الروابط الأخوية بينهم.

وقد كان رحمه الله يكره العزلة، وهو الأمر الذي تجلى في علاقاته الاجتماعية الواسعة وصداقاته المميزة مع أهل قطر.

كذلك استقطبت سيرته العطرة رحمه الله العديد من الـسـادة العلماء المعروفين، ممن واظبوا على زيارته بصورة مستمرة، حيث جمعته بهم صداقة خاصة، مثل فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ عبد الله الأنصاري رحـمـه الـلـه، والشيخ عبد الله بن زيـد آل محمود رحمه الله، والشيخ حجر بن حجر رحمه الله، وآخـــرون كانوا يزورونه في أوقات مختلفة.

أسلوب حياته

كان رحمه الله لا يـنـام مـن الليل إلا قليلآ، ويستيقظ قبل أذان الفجر بساعتين للتهجد حـتـى أذان الـفـجـر، ويــكــون مــن أوائـــل الواصلين إلى المسجد، ومن ثم العودة للمجلس وقـراءة القرآن الكريم حتى تطلع الشمس، عملآ بالسنة النبوية الشريفة، وكان يمشي يوميًا ما بين خمسة وسبعة كيلومترات، من مزرعته في طريق سلوى إلى منزله، وكـان لـه اجتماع بصاحب السمو الأمير الأب الشيخ خليفة بـن حمد آل ثاني (رحمه الله) ثلاث مرات أسبوعيًا في المنزل وبالـديـوان الأميري ، وكــان بمقدمة المستقبلين لضيوف الدولة ويستشار في أمور الحكم.

وقد استن – رحمه الله – سنة حميدة تمثلت فـي مجلسه الـعـامـر الــذي وصـف بأنه كـان مدرسة للرجولة والشهامة والنبل، وكان المجلس فيما يـرويـه أقــرب المقربين منه أولـويـة فـي نشاطه اليومي، وكان يحرص أيضًا على أن يكون أغلب أفــراد الأسرة معه في المجلس، ليزرع في من يتقرب منه معاني الرجولة وفـصاحة اللسان، وكـان مجلسه مفتوحًا طـوال اليوم، ليفرج كثيرًا من الكربات التي يمر بها الناس، فهو معهم في أفراحهم وأتراحهم بشكل دائم، فقد كان اجتماعيًا رحمه الله.

وســـواء فـي المرقاب القديم أو فـي منطقته الجديدة المرقاب الجديد، كـان مستمرًا بتقليد جـرى منذ زمـن بعيد، وهـو الحرص على الوجود في مجلسه ثلاث مرات يوميًا، الأولى في الصباح، والثانية بعد صــلاة العصر، والثالثة بعد صلاة المغرب، وفي هذه الجلسات يـفـد إليه كثير من المحبين والأصـدقـاء، حيث يجدون منه بشاشة الوجه والعفة في اللسان والشمول بالعناية، وكان رحمه الله يتميز بالقدرة على معرفة رجال القبائـل والعائلات والأسر القطرية وأنسابهم، حيث يعد مرجعًا في هذا الصدد، وكان يرجع إليه عند وجود استفسارات تتعلق بهذه الموضوعات أو الرغبة في معرفة تفاصيل حولها.

وخـــلال سـفـره إلــى أوروبــــا كــان مجلسه المميز بالهيبة والوقار مستمرًا في كل مكان ينزل فيه، لاستقبال إخوانه من القطريين والخليجيين، وسواء في بريطانيا أو ألمانيا أو سويسرا، كانت مجالسه عامرة بالضيوف، تتخللها مآدب تكريمية بين الحين والآخر للضيوف القادمين أو الأصـدقـاء المقربين، إضافة إلى عدم التردد في تقـديم المـساعدات لـكـل من يطلب ذلك منه أو يراه هو صاحب حاجة، كذلك ارتبط الكرم لديه باالإصلاح، فحين تلجأ إليه أطراف متنازعة كان يبذل ما عنده من أجل إتمام الصلح بينها، ويشترط ذلك عليها، ومع بساطة الحياة تمكن المغفور له بـإذن الله من حل كثير من المشكلات بنفوذه وبجهوده وسعيه الدؤوب للإصلاح بين الناس.

هواياته

كان المغفور له الشيخ جاسم بن جبر بن محمد آل ثاني يحب الإبل ويشترك في سباقات الهجـن أحيانًا بل وينظم مثل هذه السباقات، وقد جمع الكثير من الإبل في مزرعته، وأهدى منها من يحب من الملوك والإمراء في منطقة الخليج العربي. وكان رحمه الله يحب الـسـلاح ويجمعه فـي بيته ويـقـتـنـيـه، ويهدي منه من يحب، وكان راميًا ماهرًا، وكان القنص من أهـم هواياته، واستمر مهتمًا بهذه الهواية ممارسًا لها متى مـا سمحت له الفرصة، وكان يذهب في رحالت القنص إلى المملكة العربية السعودية وإلى سلطنة عمان وإلى حضرموت، وعرف من هواياته كذلك جمع الأشياء الثمينة، كالعنبر والعود وحبات اللؤلؤ النادرة.

رؤية تربوية

عرف عنه رحمه الله امتلاكه لرؤية تربوية واعية، فقد أنشأ أولاده على الحزم والعمل الـجـاد، وكــان يواظب على تتبع أخبارهم وأحوالهم منذ طفولتهم، خاصة مـا يتعلق بتأدية واجباتهم الدينية في أوقاتها. وحين سافر بعضهم للدراسة في الغرب، كان حريصًا على التواصل معهم، وكان مما يوصي به أولاده: احرصوا على رضا ربكم ثم الناس بعد ذلك، فمرضاة الله تعد بالنسبة إليه نهج حياة يجب أن تتجلى في كل أعمال الأبناء.